توبه رجل على يد ابنته ذات الخمس سنوات (قصه )
يعرف الله إلا قليلا ، منذ سنوات لم يدخل المسجد ، ولم
يسجد لله سجدة واحدة .. ويشاء الله عز وجل ان تكون توبتة
على يد ابنته الصغيرة ..
يروي صاحبنا القصة فيقول : كنت أسهر حتى الفجر مع رفقاء
السوء في لهو ولعب وضياع تاركاً زوجتي المسكينة وهي
تعاني من الوحدة والضيق والألم ما الله به عليم ، لقد
عجزت عني تلك الزوجة الصالحة الوفية ، فهي لم تدخر وسعاً
في نصحي وإرشادي ولكن دون جدوى .
وفي إحدى الليالي .. جئت من إحدى سهراتي العابثة ، وكانت
الساعة تشيرإلى الثالثة صباحاً ، فوجدت زوجتي وابنتي
الصغيرة وهما تغطان في سبات عميق ، فاتجهت إلى الغرفة
المجاورة لأكمل ما تبقى من ساعات الليل في مشاهدة بعض
الأفلام الساقطة من خلال جهاز الفيديو .. تلك الساعات
التي ينزل فيها ربنا عزوجل فيقول : "هل من داع فأستجيب
له ؟ هل من مستغفر فأغفر له ؟ هل من سائل فاعطيه سؤاله
؟"
وفجأة فتح باب الغرفة .. فإذا هي ابنتي الصغيرة التي لم
تتجاوز الخامسة .. نظرت إلي نظرة تعجب واحتقار ،
وبادرتني قائلة : "يا بابا عيب عليك ، اتق الله ..."
قالتها ثلاث مرات ، ثم أغلقت الباب وذهبت .. أصابني ذهول
شديد ، فأغلقت جهاز الفيديو وجلست حائراً وكلماتها
لاتزال تتردد في مسامعي وتكاد تقتلني .. فخرجت في إثرها
فوجدتها قد عادت إلى فراشها .. أصبحت كالمجنون ، لا أدري
ما الذي أصابني في ذلك الوقت ، وما هي إلا لحظات حتى
انطلق صوت المؤذن من المسجد القريب ليمزق سكون الليل
الرهيب ، منادياً لصلاة الفجر ..
توضأت .. وذهبت إلى المسجد ، ولم تكن لدي رغبة شديدة في
الصلاة ، وإنما الذي كان يشغلني ويقلق بالي ، كلمات
ابنتي الصغيرة .. وأقيمت الصلاة وكبر الإمام ، وقرأ ما
تيسر له من القرآن ، وما أن سجد وسجدت خلفه ووضعت جبهتي
على الأرض حتى انفجرت ببكاء شديد لا أعلم له سبباً ،
فهذه أول سجدة أسجدها لله عز وجل منذ سبعة سنوات !!
كان ذلك البكاء فاتحة خير لي ، لقد خرج مع ذلك البكاء كل
ما في قلبي من كفر ونفاق وفساد ، وأحسست بأن الإيمان بدأ
يسري بداخلي ..
وبعد الصلاة جلست في المسجد قليلاً ثم رجعت إلى بيتي فلم
أذق طعم النوم حتى ذهبت إلى العمل ، فلما دخلت على صاحبي
استغرب حضوري مبكراُ فقد كنت لا أحضر إلا في ساعة متأخرة
بسبب السهر طوال ساعات الليل ، ولما سالني عن السبب ،
أخبرته بما حدث لي البارحة فقال : احمد الله أن سخر لك
هذه البنت الصغيرة التي أيقظتك من غفلتك ، ولم تأتك
منيتك وأنت على تلك الحال .. ولما حان وقت صلاة الظهر
كنت مرهقاً حيث لم أنم منذ وقت طويل ، فطلبت من صاحبي أن
يستلم عملي ، وعدت إلى بيتي لأنال قسطاً من الراحة ،
وأنا في شوق لرؤية ابنتي الصغيرة التي كانت سببا في
هدايتي ورجوعي إلى الله ..
دخلت البيت ، فاستقبلتني زوجتي وهي تبكي .. فقلت لها :
ما لك يا امرأة؟! فجاء جوابها كالصاعقة : لقد ماتت ابنتك
، لم أتمالك نفسي من هول الصدمة ، وانفجرت بالبكاء ..
وبعد أن هدأت نفسي تذكرت أن ما حدث لي ما هو إلا ابتلاء
من الله عز وجل ليختبرإيماني ، فحمدت الله عز وجل ورفعت
سماعة الهاتف واتصلت بصاحبي ، وطلبت منه الحضور لمساعدتي
..
حضر صاحبي وأخذ الطفلة وغسلها وكفنها ، وصلينا عليها ،
ثم ذهبنا بها إلى المقبرة ، فقال لي صاحبي : لا يليق أن
يدخلها في القبر غيرك . فحملتها والدموع تملأ عيني ،
ووضتها في اللحد .. أنا أدفن ابنتي ، وإنما دفنت النور
الذي أضاء لي الطريق في هذه الحياة ، فأسأل الله سبحانه
وتعالى أن يجعلها ستراً لي من النار ، وأن يجزي زوجتي
المؤمنة الصابرة خير الجزاء